عندما تجرى المعالجة اللبية للأقنية الجذرية بالاعتماد على قواعد سريرية مقبولة و في ظروف عقيمة فان نسبة نجاحها تكون مرتفعة تصل حتى(90-85%). ولكن إذ فشلت المعالجة فنحن أمام أحد التدبيرين التاليين إذا أردنا إنقاذ السن.أولهما ،ويعتبر المفضل عموما ،إجراء إعادة معالجة لبية بشكل تقليدي . أما الثاني فهو الإجراء الجراحي.
و إن معرفة أسباب الفشل يسهل التخطيط من أجل معالجة لبية مثالية و معلومات مفيدة كهذه يمكن أخذها من الدراسات التي تناولت حالات الفشل.
إن العامل المهم و المؤثر في المعالجة اللبية هو حالة النسج حول الذروية قبل البدء بأي معالجة . ففي دراسة لاحقة أجراها SJOGRENETAL تبين أن الأسنان غير المصابة بآفات ذروية لا تشكل مشكلة أثناء معالجتها كما أن أكثر من 96% من الأسنان يمكن أن تعالج بنجاح عند تطبيق تقنيات تعقيم صارمة ومن جهة أخرى ففي الأسنان ذات اللب المتموت و التهاب حول سني ذروي تنقص نسبة النجاح فيها إلى 86% و أكدت أن الأسنان المصابة بالتهاب حول سني ذروي تنقص فيها النسبة حوالي 20% عن الأسنان غير المصابة بالالتهاب حول السني الذروي . ومن الملاحظات المهمة أيضا أن الأسنان المحشوة و المصابة بآفات حول ذروية التي تحتاج إعادة معالجة تنقص فيها نسبة النجاح إلى62% فقط وهذه تشكل مشكلة هامة أثناء المعالجة .
والجدول التالي الذي تناول نتائج عدة دراسات لحالات تمت إعادة معالجتها يعتبر ملفتا للنظر (إن الأسنان التي تحتاج إعادة معالجة تمثل مجموعة مختارة معظم الحالات فيها مصابة بالانتان في الأقنية الجذرية بالمشاركة مع الآفات حول الذروية).
النجاح(%) | المدة الزمنية اللاحقة (بالسنوات) | |
66أ | 4 | STRIND BERG 1956 |
84 أ | 7 | STRIND BERG 1956 |
65 أ | 5 | GRAHNEN&HANSSON 1961 |
74 أ | 4 | ENGSTRON 1964 |
62 ب | 3.5 | MOLVEN 1976 |
71 ب | 10-17 | MOLVEN & HALSE 1988 |
ب 2 | 48 | BERGENHONTZ 1979 |
73 ج | 0.5-1 | ALLEN 1989 |
62 ب | 8-10 | SJOGREN 1990 |
72 | 0.5-2 | VAN NIEUWENHUYSEN 1994 |
74 | ب 5 | SUNDQVIST 1998 |
أ: تتضمن الأسنان مستأصلة اللب مع أو بدون آفة ذروية.
ب: الأسنان المعالجة سابقا مع وجود آفة ذروية .
ج: الحالات المعالجة بالاستئصال الجراحي.
هناك نموذج آخر للفشل و يشكل تحديا كبيرا من حيث صعوبة فهم أسبابه و كيفية معالجته. وهو الفشل التالي للمعالجات اللبية التي تمت بواصفات عالية من حيث تطبيق كافة المراحل و القواعد المطلوبة لانجاح المعالجة اللبية . وقد تمّ تناول الأسباب الامراضية في هذا الجانب في عدد قليل من الأبحاث وتمّ التأكيد على وجود أربعة عوامل تؤدي إلى نتائج غير مرضية وهي:
1. الانتان داخل الجذري:
أكد التحليل النسيجي للعينات النسيجية المأخوذة من الآفات حول الذروية المعندة على المعالجة اللبية التقليدية أن السبب الرئيسي لفشل المعالجة اللبية هو وجود الجراثيم في الجزء الذروي من الأقنية المحشوة.
2. الانتان خارج الجذري:
يمكن للجراثيم أن تمنع شفاء الآفات حول الذروية من خلال تواجدها في النسج حول الذروية. إن جرثومة ACTINOMYCESISRAELII وجرثومة PROPIONIBACTERIUM PROPIONICUM تبران من الجراثيم التي بإمكانها التواجد بشكل آفة حول ذروية شعبة أو بشكل آفات أخرى مشابهة . كما أن وجود العاج المؤوف أوقطع من الملاط في النسج حول الذروية يضعف عملية الشفاء.
3. الفعل تجاه الجسم الأجنبي (الغريب):
بعض الحالات التي يكون فيها وجود الجراثيم مستبعدا يعود الفشل إلى رد فعل النسج حول الذروية تجاه بقايا مادة الحشو التي تجاوزت الثقبة الذروية .
4. الأكياس:
إن نتائج الدراسات الأخيرة قد أشارت إلى أن عاملا جوهريا كوجود كيس حقيقي يحوي في بعض الأحيان على ابر الكوليسترول يمكن أن يؤثر في عملية الشفاء التالية للمعالجة اللبية حيث يعتبر حالة معندة على المعالجة اللبية التقليدية .
و هكذا فان العامل الوحيد من بين العوامل الأربعة المذكورة يمكن أن يتأثر بإعادة المعالجة هو العامل المتعلق بوجود الجراثيم داخل القناة الجذرية . أما الجراثيم الموجودة خارج القناة الجذرية و الأكياس الحقيقية ووجود حشوة قناة متجاوزة فلا يمكن السيطرة عليها و التخلص منها بإعادة المعالجة و إنما بالمعالجة الجراحية للمنطقة حول الذروية وبسبب معرفتنا بسبب وجود آفة حول ذروية فان هذا و بلا شك سيسهل اختيار المعالجة الأفضل وفي الوقت الحالي يمكن إجراء تشخيصا كهذا و بشكل طبيعي أثناء الجراحة أو الفحص النسيجي للخزعات . وفي معظم الحالات تعتبر إعادة معالجة الحالات الفاشلة بالطريقة التقليدية قبل أي إجراء جراحي أمرا مفيدا لكي يتم استبعاد أي احتمال لوجود انتان من مصدر داخل جذري وقد لوحظ في الأسنان التي تمت إعادة معالجتها بالطريقة التقليدية قبل إجراء الجراحة حول الذروية ارتفاع نسبة نجاح المعالجة لحدود 24% بالمقارنة مع الأسنان التي أجريت فيها الجراحة حول الذروية فقط.
ولما كان وجود أكياس حقيقية و جراثيم خارج جذرية يسبب بعضا من حالات الفشل فان هذه الإصابات تضع حدا أيضا للفوائد التي يمكن الحصول عليها بالمادة المعالجة التقليدية . لذا فانه من غير المألوف شفاء الإصابات الناجمة عن الفطر الشعاعي و الأكياس الحقيقية بإعادة المعالجة التقليدية .
وبالنتيجة فمعدلات الشفاء المرتفعة التي نحصل عليها بالمعالجة اللبية ستكون محدودة في حال وقوع مثل هذه الإصابات.
إن القرار فيما لو كانت الحالة تحتاج لاعادة المعالجة يكون أسهل عندما تتوافر الصور الشعاعية للمعالجة السابقة لمقارنتها بالصور الشعاعية الحالية ز فوجود حشوة قناة سيئة أو ناقصة بالمشاركة مع تطور آفة ذروية يعتبر إشارة واضحة لاعادة المعالجة وبشكل مماثل إذا كانت حشوة القناة سيئة و السن يتطلب حشوة مديدة فان الاختيار الحكيم سيكون إزالة الحشوة السابقة . ولكن اتخاذ القرار بإعادة المعالجة سيكون ملتبسا عندما تظهر الصورة الشعاعية وجود آفة ذروية مع حشوة قناة جيدة . ومن أجل الأسنان غير المصابة حتى بآفات ذروية بدئية فان تطور أي آفة بشكل تالي يشير إلى وجوب إعادة المعالجة ومن أجل الأسنان المصابة بآفات ذروية قبل إجراء الجراحة فان طول الفترة التي أمضاها السن بعد الجراحة ولم يحصل شفاء تعتبر عاملا مهما في اتخاذ القرار لإجراء إعادة معالجة مع العلم أن الآفات يجب أن تعطى زمنا كافيا للشفاء . فمعظم الآفات تحتاج لعاملين حتى تشفى و لكن بعض الحالات تحتاج إلى(5-4)سنوات قبل إكمال التشكل العظمي . وطالما أن نقص حجم الآفة مستمر مع الزمن فانه لا يوجد سبب يجعلنا نحكم على الحالة بالفشل.
الجراثيم:
إن المعلومات المتوفرة حول بقاء الجراثيم على قيد الحياة في الأقنية المعالجة لبيا يعتبر محدودا .وهذا يؤكد ضرورة إزالة أسباب فشل المعالجة اللبية المتعلقة بتقنية حشو القناة دون اعتبار أن سبب الفشل جرثومي.
ولكن الفشل التقني في عملية العلاج لا يسبب وحده التهابا مزمنا ولكن يمكن أن يخلق فراغا بين جدران القناة و الحشوة في المنطقة الذروية مما يسمح بإيواء الجراثيم و استمرار إحداثها لالتهاب النسج الذروية .
أكدت عينات الزرع التي تمّ الحصول عليها من الأقنية الجذرية المعالجة مسبقا و المصابة بآفات ذروية اختلاف الزمر الجرثومية عن تلك التي تمّ تسجيلها عن العينات المأخوذة من الأقنية الجذرية المصابة بتموت لبي . وقد كانت العينات قي كلتا الحالتين تحوي على جراثيم متعددة تتسم بصفات متشابهة من حيث وجود إيجابيات الغرام و سلبيات الغرام في كلتا الحالتين و سيطرة الجراثيم اللاهوائية .
ومع ذلك فان الأقنية الجذرية المعالجة سابقا مع وجود آفة ذروية تقتصر على نوع واحد و عدد قليل من الجراثيم مع ملاحظة قلة عدد اللاهوائيات و سيطرة إيجابيات الغرام . ويعتبر التخلص التام من المكورات المعويةFAECALIS ENTEROCOCCUSمن الأقنية الجذرية للأسنان التي فشلت معالجتها أمرا جديرا بالاهتمام .تتواجدFAECALIS ENTEROCOCCUS في ثلث الأقنية المعالجة و المصابة بآفات ذروية . فهي لا تفضل بيئة الأقنية غير المعالجة و غالبا عندما تتواجد فإنها تشكل جزءا صغيرا من الجراثيم التي تظهر بشكل أولي في هذه الأقنية الجذرية . وتكون هذه المكورات مقاومة بشدة للمواد الدوائية المستخدمة أثناء المعالجة وهي واحدة من الجراثيم القليلة التي تقاوم التأثير المبيد للجراثيم الناجم عن تطبيق ضمادات ماءات الكالسيوم وقد أظهرت هذه الجراثيم قدرة عالية على البقاء حية داخل الأقنية الجذرية بمفردها دون دعم أي نوع آخر من الجراثيم.
وقد عزلت الجراثيم المماثلة للخمائر من الأقنية التي فشلت معالجتها وقد سجلت دراسات قليلة وجود الخمائر في الاقنية المصابة بالانتان و يعتبر وجود الجراثيم في الأقنية المعالجة و المصابة بآفات ذروية إشارة إلى مقاومة هذه الجراثيم للمعالجة بالرغم من حاجتنا لمعرفة المزيد حول الجراثيم المسببة لحالات فشل المعالجة اللبية فان ما أثبتته بعض الدراسات وجود أنواع قليلة نسبيا في الاقنية المعالجة و المصابة بآفات ذروية.
إن عدد الأنواع المعزولة من الحالات التي أعيدت معالجتها إنما يعتمد على الأنواع التي كانت مرافقة للمعالجة الأولى و لحشوة القناة.
و بشكل عام فان الأسنان ذات المعالجة اللبية السيئة تحتوي على عدد كبير من الأنواع الجرثومية المماثلة لما هو موجود بداية في الأقنية غير المعالجة مقارنة مع الأسنان التي تمّ تنظيفها و معالجة أقنيتها .
المواد الكيميائية المطبقة لإزالة حشوة القناة:
عند اتخاذ القرار بإعادة المعالجة للحالة الفاشلة فان حشوة القناة السابقة يجب أن تزال لاعادة تحضير القناة و إزالة الانتان منها وان ميزة الكوتابيركا كمادة حاشية هو إمكانية إزالتها عند الحاجة لاعادة المعالجة بسرعة و بالتالي تسهل إعادة تنظيفها . وفي بعض الحالات الأقنية التي يكون المستوى التقني المطبق فيها أثناء الحشو منخفضا يمكن إزالة الحشوة باستخدام مبرد يدوي وفي حالات أخرى حيث كثّفت الحشوة بشكل جيد نسبيا فان إزالتها تتطلب أدوات آلية و يدوية يمكن مرافقتها مع التقنيات الملينة لمادة الحشو مما يجنبنا خطر إيذاء جذر السن.
يمكن إزالة الكوتابيركا بالطرق الآلية باستخدام سنابل غيتس غليدن Gates-Glidden
في الجزء التاجي من القناة و يعتبر هذا خطيرا في الثلث الذروي. ويمكن استخدام الطرق الآلية هذه بأمان إذا ما تمّ تليين الكوتابيركا بشكل جيد ولكن هذا الإجراء ممل و بطئ يتلاءم فقط مع الأقنية ذات الحشو قليل التكثيف .
يمكن تليين الكوتابيركا بطريقتين :الحرارية ، الكيميائية .يسهل التليين إزالة مادة الحشو من القناة و ينقص خطر إيذاء جدران القناة بالأدوات.
إن التليين الحراري يتم إنجازه باستخدام أداة محماة أعدت خصيصا لهذا الغرض تشبه الحامل الحراري و تسمح بإزالة الكوتابيركا بمرحلة واحدة .
وبالرغم من سرعة هذه التقنية إلا أنها غير مجدية سوى في الجزء التاجي من القناة كذلك فان استخدام المواد الكيميائية لتليين الكوتابيركا غير كاف لوحده وهي مفيدة بشكل خاص عند إزالة الكوتابيركا يدويا أو آليا. وهنا نعتمد قاعدتين لاختيار المادة الكيميائية التي نستخدمها وهما :فعالية المادة في تليين وحلّ الكوتابيركا و درجة سمية هذه المادة .
اقترح عدد كبير من المواد ذات القدرة على حلّ الكوتابيركا ومن المواد الأكثر شيوعا الكلوروفورم و الميتيل كلوروفورم و الايوكالبيتول وزيت التربنتين و زيت البرتقال و الهالوتان. إن الدراسات التي قارنت بين قدرة هذه المحلات على حلّ الكوتابيركا قد أكدت على فعالية الكلوروفورم بالنسبة لغيره من المواد .
لقد أظهر الاستعمال المتكرر لهذه المحلات سميتها الخلوية وهذا ما تمّ تأكيده من خلال الدراسات التجريبية على المزارع الخلوية كما أن هذه المواد مهمة بإحداث تخريش يتفاوت بين الطفيف و الشديد عند حقنها ضمن الأدمة لدى الحيوانات .
إن هذه الدراسات تختلف كليا عما هو في الحالة السريرية إذ أن مساحة السطح حول الذروية المعرضة لهذه المحلات غالبا ما يكون صغيرا و زمن التعرض لمثل هذا التماس غالبا ما يكون قصيرا. ومع ذلك فقد طرحت تساؤلات عدة حول قدرة الكلوروفورم على إحداث تحولات سرطانية مؤيدة بحوادث شاهدة تم ّتعليق حدوثها بطريقة تطبيق الكلوروفورم أثناء المعالجة اللبية .
إن الدراسات التي اعتمدت على عينات مأخوذة من الهواء أثناء إجراءات المعالجة اللبية قد أظهرت وجود كمية صغيرة جدا من الكلوروفورم في الهواء أثناء القيام بهذه الإجراءات و بالتالي فان الخطر على المريض و العاملين في الحقل الطبي السني يعتبر ضئيلا . ومن الواضح وجوب استخدامه بحذر و ارتداء القفازات و التعامل معه كما يتم التعامل مع أي مادة سامة.
ويفضل حفظ هذه المواد الكيميائية في زجاجات مغلقة ، تفتح عند الحاجة إليها فقط ويتم سكب المادة منها من خلال فتحة صغيرة فهذا يجعل تعرض البيئة السريرية لهذه المواد في حدّه الأدنى مما لو وضعت في أوان مفتوحة و مسطحة يمكن نقل المادة الحالة باستعمال محقنة أو أنبوب بلاستيكي . ويجب أن يكون حجم المادة الحالة المستخدمة في حده الأدنى بما يتلاءم مع الحالة ولذلك لإنقاص إمكانية التماس مع النسج الفموية وإذا ما تمّ التدقيق جيدا في المعالجة اللبية فان الاستخدام المتكرر للكلوروفورم قد أكد سلامة استخدامه على المريض و على الفريق الطبي السني.
إن العلاقة التناسبية بين سمية هذه المواد الحالة و قدرتها على الحل تؤكد أن هذه القدرة تزداد عند استعمال المحلات الأكثر سمية . ويعتبر الكلوروفورم المحل الذي يحقق التوازن بين قدرته الجيدة على الحل و سميته لدى مقارنته مع المحلات الأخرى .
إن المزاوجة بين تقنية استخدام الأدوات و تقنية التليين الكيميائي ستزيد من إمكانية إزالة حشوة القناة بأمان . وان الطريقة الفعالة في إزالة حشوة الأقنية تقوم على مراحل معينة تبدأ بتليين الكوتابيركا بكمية قليلة من المحل وباستخدام سنابل غينس في المنطقة التاجية بعدئذ يزال الجزء الذروي من الحشوات باستخدام الأدوات اليدوية و تعتبر المبارد Kمن قياس (20-15) ذات صلابة كافية لاختراق حشوة القناة أو خلق ممر صغير على طول القناة بجانب الكوتابيركا بعد ذلك تستخدم مبارد الهيدستروم ذات القدرة العالية على السحب من خلال حركة الإدخال والإخراج التي تؤدي في النهاية إلى إزالة حشوة القناة .
د. صفاء أبو حمدة
دبلوم الدراسات العليا في مداواة الاسنان