كل السيناريوهات تبدأ بالشكل نفسه… في مزرعة صغيرة في مكان ما قد يكون جنوب شرق اسيا تصاب بضع دجاجات بسلالة(H5N1)من مرض انفلونزا الطيور. ..وكلها تنتهي بوباء عالمي يموت فيه ملايين البشر في كارثة لم يشهد مثلها أي من البشر الاحياء.
وعثر على هذه السلالة من انفلونزا الطيور بين أسراب طيور من اليابان إلى اندونيسيا وانتقلت غربا إلى تركيا ورومانيا وربما ايضا إلى اليونان هذا الاسبوع حيث ينتظر اعلان نتيجة الفحوص.
وأصاب الفيروس 117 شخصا في اربع دول توفي منهم 60 مريضا وهو يتحول باطراد. ويقول الخبراء انها مسألة وقت فقط قبل ان يتحول فيروس(H5N1)ليصبح مرضا يسهل انتقاله بين البشر.
وهذه التحولات قد تجعله أقل ضراوة او ربما تجعله أكثر خطورة لا أحد يعرف.
تشير قلة من السيناريوهات المحتملة إلى أن العالم سيحالفه الحظ وسيتخذ المسؤولون اجراءات سريعة بتطعيم السكان وتوزيع أدوية مضادة للفيروس. فتكون الخسائر رغم كبرها محدودة وتنتعش الاقتصاديات بعد بضعة أشهر.
لكن خبراء الصحة متفقون على غير العادة في التحذير من ان الفيروس اذا قفز من الطيور الى البشر في العامين المقبلين فانه سيتسبب في كارثة لم يسبق لها مثيل.
وقال الطبيب جورج بولاند من كلية طب مايو في روتشيستر بولاية مينيسوتا الذي يمثل اتحاد اطباء الامراض المعدية في الولايات المتحدة الاسبوع الماضي لعاملين بالكونجرس ونشطاء “أريد أن أؤكد على حقيقة ان وباء سيظهر.”
وأضاف “وعندما يحدث ذلك سيعرف التاريخ لمن سيبقون على قيد الحياة بما بعد وما قبل الوباء.”
لكن كيف ستبدأ. ربما ستصاب طفلة مهمتها رعاية الدجاج بهذا الفيروس وسترعاها امها ليل نهار. وداخل جسم الطفلة سيتحول الفيروس قليلا.
ستسعل الطفلة عندما يصيب الفيروس رئتيها مسببا التهابا رئويا. ستبكي أمها وربما تعض يدها محاولة تهدئة بكائها اليائس.
ويأتي الجيران يحتضنون الام ويواسونها في وفاة ابنتها. وبعد أسبوع من وفاة الطفلة تمرض الام. وينتشر الخبر في القرية. تفزع الجارة على أطفالها فتنقلهم عند اقارب لها يسكنون بعيدا.
فانفلونزا الطيور تنتشر قبل ان تظهر على المصابين أعراض المرض. وخلال أيام يمكن ان ينتشر فيروس(H5N1) في دولة بكاملها قبل ان يعلم مسؤولو الصحة به.
والجارة قد تنقل المرض لاقاربها ويقوم احدهم برحلة عمل في عاصمة اقليمية. ويمكن ان يصيب الفيروس موظف جوازات او بوابا وهو يتقاضى اكرامية او حامل الحقائب.
ومثل اي فيروس انفلونزا اخر يمكن ان تنتقل انفلونزا الطيور من اليد إلى الفم فالناس لا يكفون عن لمس افواههم وانوفهم مما يترك نقاطا صغيرة من اللعاب او المخاط على كل شيء يلمسونه.
ويشتبه المسؤولون في الاقليم الذي توفيت فيه الطفلة في المرض لكنهم يخشون الحجر الصحي واثره على اقتصادهم.
وعلى الارجح سيجري اعدام جميع الطيور. ويقرر المسؤولون توخي الحذر. تمر الايام ويجري فحص سكان القرية في حين يكون المسافر قد نقل الفيروس لعشرات قبل ان يشعر هو بأعراض المرض.
وتحتاج الفحوص للكشف عن مرض انفلونزا الطيور لايام قبل ان تظهر نتيجتها. وعندما يتضح الامر يكون اسبوعان قد مرا والفيروس الجديد المحول قد انتقل بالطائرة الى ثماني مدن حول العالم. ولا سبيل للسيطرة عليه.
وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد الوفيات المحتمل بما بين مليونين و150 مليونا اعتمادا على مدى شدة المرض. وسيحدث ذلك خلال بضعة أشهر.
قتل الايدز 34 مليون لكن على مدى عشرين عاما.
وقتل وباء الانفلونزا الذي انتشر في عامي 1918 و1919 ما بين 20 ومئة مليون في 18 شهرا.
وقال الطبيب مايك اوسترهولم خبير الامراض المعدية في جامعة مينيسوتا الذي أصدر بعض أشد التحذيرات “حتى اذا قسنا على مشكلات كل عام المتعلقة بالملاريا والدرن والايدز وهي مروعة فان وباء الانفلونزا هذا قادر على ان يقتل دفعة واحدة أكثر ممن تقتلهم هذه الامراض مجتمعة في عقود.”
وقال بني هيتشكوك خبير الامراض المعدية في جامعة مركز بيتسبرج للامن البيولوجي “25 بالمئة من سكان العالم قد يصابون بالمرض في وقت واحد.”
وستمتليء المستشفيات وقد تسهم هي نفسها في انتشار العدوى. ولن يكون هناك أجهزة تنفس صناعي كافية لابقاء المرضى على قيد الحياة. وسيختار أغلب الناس البقاء في منازلهم وان يموتوا بهدوء في اسرتهم أو النجاة اذا حالفهم الحظ فيتمتعون بمناعة ضد الفيروس.
وتساءل اوسترهولم “كيف سنتعامل مع الجثث.”
ستتوقف شحنات الامدادات من المواد الاولية مع اغلاق الحدود. وقد تتوقف صناعات وقطاعات بكاملها منها توريد الادوية.
وقال اوسترهولم “هناك شركتان تنتجان 90 بالمئة من اقنعة N-95.” وهي اقنعة يمكنها منع دخول الجزئيات التي قد تحمل المرض وهي السبيل الافضل لحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية.
وتساءل “كيف سيأتي العاملون في القطاع الصحي لعملهم.”
ستغلق المدارس ولن يتمكن ولن يرغب الاباء في ترك ابنائهم والذهاب للعمل. وقد يكون الكثيرون منهم من العاملين الاساسيين في المستشفيات او في الاطفاء او سائقي حافلات او في شركة كهرباء.
ويمكن استخدام أدوية مضادة للفيروسات مثل تاميفلو الذي تنتجه شركة روش في علاج المرضى وربما في الوقاية من العدوى بين أفراد أسر المصابين لكن الامدادات محدودة للغاية من هذا الدواء.
وقال الطبيب ايزاك وايزفيوز من ادارة الصحة بمدينة نيويورك التي اصبحت أكثر تنظيما من العديد من المدن بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 “اذا حدث ذلك الان فاننا ليس لدينا تاميفلو ولا مصل.”
ويتطلب انتاج مصل مضاد لسلالة(H5N1)نحو ستة اشهر وهو الوقت الذي قد يصاب فيه بالعدوى مئات الملايين.
وقال بولاند ان الولايات المتحدة تحتاج 600 مليون جرعة من المصل لان الشخص الواحد يحتاج لجرعتين لضمان الوقاية الكاملة.
وكانت أكبر كمية من المصل المضاد للانفلونزا التي تمكنت الولايات المتحدة من تجميعها هي 95 مليون جرعة في عام 2002. فالمصانع التي يمكنها انتاج المصل غير موجودة وتحتاج لاعوام لبنائها حتى لو بدأ ذلك غدا.
عن ماجي فوكس.