أحدث المقالات
الرئيسية / مداواة لبية / المعالجة اللبية للالتهاب ما حول السني الذروي : 5- معالجة الانزعاج الشديد

المعالجة اللبية للالتهاب ما حول السني الذروي : 5- معالجة الانزعاج الشديد

المعالجة اللبية للالتهاب ما حول السني الذروي : 5- معالجة الانزعاج الشديد

 

أثناء تحضير القناة يمكن أن يتم دفع كميات صغيرة من الفضلات المكونة من البقايا اللبية و البرادة العاجية و الجراثيم و المواد الدوائية إلى النسج حول الذروية عبر الثقبة الذروية و يتجلى ردّ العضوية باستجابة التهابية لتقوم بالتعامل مع هذه الأجسام الغريبة التي دخلت المنطقة ويمكن لردود الفعل الالتهابية هذه أن تحدث أعراضاً سريرية تتراوح بين عدم وجود ألم إلى حدوث ألم شديد يمكن أن يدوم لعدة أيام ويزول الألم متوسط الشدة عادة خلال ساعات وقد يمتد إلى يوم أو يومين بعد المعالجة. وان الشعور بعدم الراحة بعد المعالجة يعتبر رد فعل طبيعي للأنسجة حول الذروية نتيجة للتخريش الفيزيائي و الكيميائي و الجرثومي الذي يحدثه التحضير بالأدوات. وفي معظم الحالات تكون كمية الفضلات وعدد الجراثيم قليلة لذلك فان أجهزة الدفاع لدى المضيف تكون قادرة على التخلص من هذه العناصر الأجنبية و بسرعة ولكن في بعض الحالات يمكن لعدد من الجراثيم شديدة الفوعة أن تدخل إلى النسج حول الذروية وان تشتبك مع أجهزة الدفاع لدى المضيف مسببة اشتداد الحالة .
تتجلى الاختلاطات بعد المعالجة بأعراض حادة فإلى جانب الانتان يمكن أن يحدث هياج نسيجي وقد تشتد الحالة ومن الممكن أن تحتاج لجلسة اسعافية.
ولتفسير ما حدث أطلقت العديد من التعاريف وهذه الحالة من الاشتداد إنما تعتبر خراجا حول ذروي في السن الخاضع للمعالجة وهذا ما يجب تمييزه عن الحساسية التالية للمعالجة التي تحدث بشكل طبيعي و ذلك من خلال طبيعة الحالة و توقيتها وشدة الأعراض منها الألم الذي غالبا ما تزداد شدته إضافة إلى العلاقات السريرية التي تتجلى باحمرار المخاطية أو الانتباج و الشعور بتوعك عام . يكون الانتباج موضعا على شكل تورم محدود بالقرب من السن أو أن يكون منتشرا غير محدود يمكن أن يصل حتى الشفة و الخد أو الوجه على شكل التهاب خلوي وجهي.
لقد كشفت الدراسات السريرية معلومات أكثر حول الأسباب التي تؤدي إلى اشتداد الحالة بعد تحضير الأقنية الجذرية إلى جانب ما أشارت إليه الدراسات السابقة حول الأسنان بدون أو مع آفات ذروية صغيرة و الأسنان الخاضعة لاعادة المعالجة و المرضى الذين عانوا من الحساسية . إن جميع هذه العوامل تعتبر مشاركة بشكل كبير في اشتداد الحالة.
لقد قامت معظم الدراسات باختبار فيما إذا كانت طريقة المعالجة تعتبر سببا لاشتداد الحالة و بشكل عام تبين وجود علاقة بسيطة بينهما . وهذا يمكن تبريره بأن عددا كبيرا من الباحثين قد اختبروا العوامل المسببة المحتملة .
إن الأمر الأول الذي يبرر تطور الحالة الحادة هو دخول الجراثيم إلى النسج حول الذروية .
فإذا ما تهيأ للجراثيم منفذ إلى النسج حول الذروية و كان عددها كافيا و قدرتها كافية للتغلب على دفاعات المضيف الموضعية أدى ذلك إلى تطور الحالة الحادة . وان دخول الجراثيم هذا إلى النسج حول الذروية يحدث عادة أثناء التحضير القنيوي مسببا حدوث الخراجات حول الذروية بعد المعالجة مباشرة خلال الـ24
ساعة الأولى .
إن الدراسات التي اختبرت أنواع الجراثيم المتدخلة في تشكيل الخراجات حول الذروية قد أكدت أن هذه الانتانات تنجم عن جراثيم متعددة مع سيطرة الجراثيم اللاهوائية و تلك المشاركة الهامة تظهر من خلال ارتباط وجود جراثيم معينة مع أغراض معينة. وان انتان القناة الجذرية باشتراك أنواع متعددة من الجراثيم بمـا فـيها اللاهوائـيات المصـطبغة بالأسـود مـثل PREVOTELLAINTERMEDIA أو PROPHYROOMONAS ENDODONTAL أو PORPHYROMONAS GINGIVALIS يزيد من خطر تطور التهاب ذروي قيحي . وان أنواع PORPHYROMONAS و P.INTERMEDIA تعتبر الأكثر تكرارا من حيث التواجد في الخراجات حول الذروية . كما أن الأحداث المرافقة لوجود PEPTOSTREPTOCOCCI وخاصة PEPTOSTREPTOCOCCUS MICROS إضافة لـP.INTERMEDIA أو P.ENDODONTALIS تزيد من خطر تشكيل خراجات بعد المعالجة.
إن معالجة حالة الإزعاج الشديد هذه إنما تعتمد على حقيقة أن مصدر الانتان هو نظام القناة الجذرية و انتشار الجراثيم إلى النسج حول الذروية وحالما يتطور الانزعاج الشديد ويتم تشخيصه توجه المعالجة نحو إزالة مصدر الانتان و السيطرة عليه في النسج وزوال الأعراض .
إن تدبير حالة الانزعاج الشديد الحادة يتم غالبا على ثلاثة مستويات:
1. إعادة تنظيف القناة الجذرية.
2.تأمين مصرف .
3. استخدام الصادات الحيوية.

 

1- إعادة تنظيف القناة الجذرية

إن مصدر الانتان حول الذروي هو الجراثيم الموجودة داخل القناة الجذرية لذا يتم توجيه المعالجة نحو إزالة الجراثيم أو إنقاص عددها على الأقل داخل القناة الجذرية . وذلك باتباع كل الإجراءات اللازمة من أجل المعالجة اللبية مثل تطبيق الحاجز المطاطي الذي يسمح بفتح السن تحت ظروف عقيمة ثم إعادة تنظيفها و أخيرا سدها بحشوة مؤقتة مانعة للتسرب.

 

2- التصريف

من المهم تصريف أي قيح موجود إن كان ذلك بالإمكان مع التأكيد على وجود القيح في بعض الحالات فقط لأن وجوده أو غيابه تعتمد على نوع و كمية الجراثيم وأجهزة الدفاع لدى المضيف و توقيت التداخل السريري .
تحدث العديد من اختلاطات المعالجة أثناء الاستخدام الزائد للأدوات في المنطقة الذروية كمحاولة عقيمة غير مثمرة لخلق و صرف للقيح. وفي معظم الحالات عندما يحدث الالتهاب أو عندما يكون ضغط القيح منخفضا داخل القناة يحدث الارتشاح إلى داخل القناة . فإذا لم يحدث أي ارتشاح فانه بالإمكان الدخول واختراق الثقبة الذروية بشكل حذر إلى النسج حول الذروية باستخدام مبارد قياس 18 أو 10 فقط ومن المفضل القيام بذلك إلى الحد الأدنى . بعد إزالة الفضلات من القناة لتقليل فرصة اندخال الجراثيم إلى المنطقة حول الذروية .
وبسب القدرة الكبيرة على الارتشاح عن طريق الثقبة الذروية فانه ليس من الحكمة تكبير الثقبة الذروية باستخدام مبارد كبيرة ونادرا ما يسبق هذا الارتشاح بالتهاب . وعلى الأغلب تتحول حالة الانزعاج الشديد من حالة مهيأة سابقا إلى حالة سن مصابة تحتاج إلى معالجة معقدة تهدف إلى التصريف عندما لا يسبق بحالة التهابية حدثت منذ زمن قريب .
إن التدبير الملائم لحالة الانزعاج الشديدة الحادة يقوم على وجوب عدم ترك القناة مفتوحة حتى يتم إكمال التحضير وان تصريف القيح أو إيجاد ممر للنتحة عبر القناة يتم إنجازه خلال دقائق معدودة في معظم الحالات لذلك فترك مدخل الحفرة مفتوحا من أجل التصريف يعتبر أمرا غير ضروري بل وذي أثر معاكس كما أن ترك مدخل الحفرة مفتوحا ضمن الحفرة الفموية يبدئ الانتان داخل القناة الجذرية مباشرة مؤديا إلى نسف الأهداف الرئيسية للمعالجة التي تقوم على وجوب التخلص من الجراثيم داخل القناة الجذرية.
فيما لو لم يحدث التصريف عبر القناة الجذرية وكان الانتباج طريا و محددا تماما فانه من الضروري تصريف القيح أو السائل من النسج المجاورة للسن بإجراء شق في المخاطية فبعد الحصول على سطح مخدّر من المخاطية نقوم بإجراء الشق باستخدام شفرة حادة في المنطقة الأكثر احمرار أو تموجا و تزال النتحة باستخدام الجهاز الماص (SUCTION). وفي حالات الالتهاب الخلوي يكون من غير الممكن إجراء تصريف رغم وجود بعض الحالات التي ينتج عن التصريف فيها كمية صغيرة من المصل .
وغالبا ما يكون الفرق بين حدوث الالتهاب الخلوي المنتشر و حدوث الانتباج معتمدا على الزمن لذلك فهذه الحالات يمكن متابعتها يوميا باستخدام الهاتف و إحضار المريض إلى العيادة من أجل إجراء عملية التصريف عند الشعور بالحاجة إليها.

 

3- الصادات الحيوية و مسكنات الألم:

إن الميل الزائد لوصف الصادات الحيوية أدى إلى زيادة حقيقية في مقاومة الجراثيم للصادات الحيوية . لذا كان على الممارسين وصف هذه الصادات بما يتلاءم مع الحالة أي وصف الصاد النوعي تجاه انتان معين يجب أن تستخدم الصادات الحيوية كعوامل إضافية وليس كبدائل عن إعادة تنظيف القناة و تصريف القيح و النتحة. وان استطباب وصف الصادات الحيوية هو حالة انزعاج حادة مع ظهور علامات جهازية للانتان كالحرارة و التوعك أو حدوث التهاب خلوي في منطقة الوجه وفي بعض الأحيان يعتبر الانتباج الموضع كبير الحجم الذي يزداد حجمه بسرعة مبررا لاستخدام الصادات الحيوية.
إن اختيار صاد حيوي معين أثناء المعالجة يعتمد على نوع الجراثيم الموجودة و درجة تحسسها . وبما أن هذه الانتانات غالبا ما تكون متعددة الجراثيم فإنها يمكن أن تضم عددا من الأنواع المقاومة للصادات مع أنه من غير الضروري أن تكون كل الجراثيم حساسة تجاه الصادات الحيوية لكي يتم العلاج فان قتل بعضا من جراثيم الفلورا يغير من طبيعة و فعالية المجموعة ككل مما يسمح بحدوث استجابة متطورة من قبل أجهزة الدفاع لدى المضيف . مازال البنسلين يعتبر الخيار الأول نظرا لتوازن الذي يخلقه من فعالية القضاء على جراثيم متعددة و سميته المنخفضة نسبيا. عندما يكون الانتان مبررا لاستخدام الصادات الحيوية فان الفينوكس ميتيل بنسلين (500ملغ4 مرات يوميا لمدة 7-5 أيام) أو الاموكسيسللين
(250 ملغ 3 مرات يوميا لمدة 5 -7 أيام) يعتبران نوعيان في حالات الانتانات اللبية . وبالاعتماد على الظروف السريرية و شدة الانتان يمكن دعم البنسلين بالميتونيدازول وحده يعتبر فعالا في الحالات التي لا يستجيب للبنسلين أو في الحالات التي يكون فيها المريض ذو حساسية تجاه البنسلين .
ومن الخيارات الدوائية الأخرى هي الاريترومايسين أو الكلندامايسين اللذين لهما طيف واسع مضاد للجراثيم مع زيادة احتمال ردود الفعل الجهازية .
رغم أن العوامل الامراضية الأساسية كوجود أنواع متعددة من الجراثيم تعتبر تحت السيطرة من قبل المعالج فان فرصة بدء حالة من الانزعاج الشديد الحادة بمكن جعلها في الحد الأدنى بإنقاص إمكانية الجراثيم على الدخول إلى النسج حول الذروية . وان العمل في جو عقيم و تقيد التحضير بحدود القناة وبدء المعالجة بمبارد ذات قياس صغير يمنع اندفاع الجراثيم إلى النسج حول الذروية وكل هذه أمثلة من الاحتياطات الواجب اتخاذها أثناء تحضير الأقنية لتقليل خطر تطور حالة الانزعاج الشديد.

الإنتان المعند

في بعض الحالات لا تتم السيطرة على الانتان من خلال الإجراءات البديلة للمعالجة اللبية وتظهر الأسنان المصابة في هذه الحالات الأعراض و العلامات التي تدل على استمرار الالتهاب مثل وجود النتحة باستمرار داخل القناة و الألم المعند رغم تطبيق إجراءات المعالجة .
وان عدم استجابة هذه الأسنان للمعالجة إنما ينجم عن الأخطاء أثناء المعالجة :
1. العمل في وسط غير عقيم بشكل كاف (دون تطبيق الحاجز المطاطي )
2. عدم تأمين مدخل جيد للحفرة
3. عدم معالجة الأقنية
4. التحضير الزائد أو التحضير الناقص للأقنية
5. التسرب عبر الحشوات المؤقتة
وبما أن معظم هذه الحالات يمكن السيطرة عليها من خلال العمل في جو عقيم و تطبيق إجراءات المعالجة بدقة وحذر فلا يمكن اعتبارها معندة لأنه بالإمكان السيطرة عليها بإجراءات تقليدية .
إن الأسنان التي تستمر فيها حالة الانتان مع وجود علامات سريرية و شعاعية رغم تطبيق الإجراءات العلاجية للتخلص من الجراثيم تعتبر حالات معندة .
ومن هذه الحالات ما يستمر فيها وجود النتحة داخل القناة رغم اتباع كل الإجراءات اللازمة أثناء المعالجة . ووجود الألم ووجود إشارات حول حدوث فشل سريريا و شعاعيا أثناء متابعة الحالة.
لذا يعتبر السبب الأكثر شيوعا في إحداث الفشل هو وجود (انتان معند داخل أو خارج النظام القنيوي)

الانتانات داخل و خارج الجذر:

قامت الدراسات باستخدام التقنيات الخاصة لتحديد موضع الجراثيم في حالات الانتان المعند و أخذ العينات دون تعرضها للتلوث ، اذ أن معرفة الموضع يسمح باختيار التقنية اأنسب للمعالجة رغم أن معرفة موضع هذه الجراثيم في كل حالة يعتبر أمرا مستحيلا لذا تعتبر المعلومات التي حصلنا عليها من خلال دراسة حالات مماثلة هامة جدا.

الانتانات داخل الجذر:

إن الفحص بالمجهر الإلكتروني و الضوئي ،للمواد التي أدت إلى شفاء في الخزعات المأخوذة من الحالات الفاشلة عن طريق السيطرة على الجراثيم أثناء المعالجة اللبية ،وقد أكدت أن تلك الجراثيم يمكن أن تتواجد في الجزء الذروي من النظام القنيوي . كما يمكن للجراثيم أن تكون متوضعة في الفراغ الكائن بين حشوة القناة و الجدار القنيوي أو في الأقنية الجانبية في الجزء الذروي حيث يمكن أن تنجو هذه الجراثيم وان يصلها الإمداد الغذائي عن طريق السائل النسيجي المتدفق إلى القناة الجذرية من

المنطقة حول الذروية:

وان بقاء الجراثيم في الجزء الذروي من القناة يجعلها محمية من بالعات المضيف وهذا غير ممكن في حال تواجد الجراثيم في النسج الذروية حيث تكون في مواجهة مباشرة مع أجهزة دفاع المضيف .وان قدرة الجراثيم على البقاء في هذا الموضع أكد على فرضية تجنب استخدام المضادات الجرثومية المستخدمة سابقا أثناء المعالجة و لذلك يجب اتخاذ القرار فيما إذا كان بالإمكان القضاء على هذه الجراثيم بإعادة المعالجة التقليدية . وفي العديد من الحالات يكون من المفيد تنفيذ إعادة المعالجة لأن نجاحها يتحقق في 74% من الحالات . ولكن حيث تكون إعادة المعالجة غير ممكنة أو أنها قد فشلت فان اختيار المعالجة يكون جراحيا.
إن التأكد من إنجاز المعالجة اللبية بدقة مع سيطرة مناسبة على الجراثيم يجعل الخيار الجراحي وحيدا من أجل استئصال الآفة حول الذروية بتجريفها و اقتطاع (3-1) ملم من ذروة الجذر وذلك كي يكون الإجراء ناجحا.

الانتانات خارج الجذر:

هنالك إجماع عام حول دور الجراثيم المتوضعة في النسج حول الذروية في إحداث الحالات الحادة المسببة للألم وفي تشكيل الخراجات أو جفاف الجيوب . ومن المثير للاهتمام أن الحالات المعندة على المعالجة اللبية التقليدية إما أن تكون ناجمة عن جراثيم معندة في القناة أو عائدة للجراثيم المتواجدة خارج الجذر . ففي السنوات الأخيرة حدثت عودة لمفهوم الجراثيم خارج الجذر كعامل مسبب للانتان المعند .
ولكن الاقتراح القائم حول الانتانات خارج الجذر تسبب الفشل يعتبر مثيرا للجدل لأن الادعاءات الأخيرة تدعم فكرة عدم تطبيق معلومات تم الحصول عليها منذ ما يزيد على 30 سنة من خلال الجمع بين التقنيات الجرثومية و النسيجية و المناعية في دراسة حالات سريرية مختارة . وان العديد من المشكلات التي يمكن أن تعترضنا يجب أن تكون مدروسة بشكل كاف وقد تعود هذه المسائل إلى الاختيار و الأسلوب و فهم النتائج.و بالرغم من الحرص الشديد على تعقيم المخاطية الفموية فانه من المستحيل تجنب تلويث ساحة العمل أثناء الجراحة حول الذروية .
إن العزل المتكرر للاهوائيات المخيرة في ساحة العمل يعتبر بشكل عام حالة تلوث توضح عدم اتباع القواعد الأساسية في التعقيم للتخلص من التلوث بالجراثيم .
إلى جانب تلويث العينة المأخوذة من المنطقة حول الذروية هناك مشكلة تجنب مدخل الجراثيم داخل الجذرية أثناء أخذ العينة . لذا فان الدراسات التي اعتمدت على اقتطاع ذروة الجذر ضمن العينة قد كانت موجودة داخل الجذر في المنطقة الذروية من القناة .
هناك العديد من المشكلات الأخرى التي يمكن أن تواجهنا أثناء اختيار الحالات فقد قامت بعض الدراسات بدراسة الجراثيم في الحالات المزمنة المأخوذة من مرضى ذوي أسنان مصابة مشاركة مع جفاف الجيوب أو من أسنان مصابة مع وجود مصدر آخر للانتان كالجيوب حول السنية التي لم تشفى.
ومنذ مدة تزيد عن نصف قرن مضى كتب KRONFELD أن الورم الحبيبي ليس مكانا تعيش فيه الجراثيم و لكنه مكان تخرّب من خلاله الجراثيم فإذا كانت الجراثيم محددة تماما في الورم الحبيبي حول الذروي فان التساؤل الذي يجب أن يطرح هو أن هذه الجراثيم قد توضعت في هذا الموضع بسبب الانتان المعند أم أنها خرجت مؤخرا من القناة الجذرية قبل أن يتم القضاء عليها من قبل أجهزة الدفاع لدى المضيف . إن القاعدة الأساسية لأجهزة دفاع المضيف تعتمد على قتل الجراثيم وعلى البالعات وعلى إزالة الجراثيم التي تحتل فراغات الجسم و إن العديد من الجراثيم الفموية قد عرفت بقدرتها على تجنب أجهزة دفاع المضيف لفترة زمنية لا بأس بها . ولكن واحد فقط من الجراثيم الفموية لديه القدرة على النجاة و التوضع ضمن أنسجة المضيف ألا وهو ACTINOMYCES ISRAELII وهذا ما تم إثباته من خلال الانتانات التجريبية . وان الآلية التي يعتمدها هذا الجرثوم ما تزال غير واضحة إلى جانب قدرته على بناء مستعمرة متماسكة مما يسمح لها مجتمعة بتفادي عملية البلعمة.
تعتبرA.ISRAELII العامل الممرض الأولى المسبب للإصابة بالفطر الشعاعي(ACTINOMYCOSIS) الذي يعتبر بحد ذاته المسبب للانتانات المعندة في حالات فشل المعالجة اللبية . كما أن PROPIONI BACTERIUM PROPIONICUIM (المدعوة سابقا ARACHNIA PROPIONICA)يمكن أن تؤدي إلى أمراض لا تختلف سريريا عما تسببه AISRAELII كما أنها عزلت من النسج حول الذروية في الحالات التي لم تشفى بعد المعالجة اللبية.

المعالجة باستخدام الصادات الحيوية و الجراحية:

إن دور الصادات الحيوية في حالات الانتانات المعندة محدود إلى حد ما لأن معظم الانتانات المعندة تحدث بسبب الجراثيم المتوضعة داخل القناة الجذرية و التي يتم تدبرها بإعادة المعالجة اللبية . حتى في الحالات التي يكون فيها مصدر الانتان من خارج الجذر مسببا بـ A. ISRAELIIفان الصادات الحيوية ليست ذات فعالية محدودة ،ومن الملاحظ أن انتانات الفطر الشعاعي تستجيب بشكل ضعيف للمعالجة بالصادات الحيوية و تتطلب جرعات مديدة من 6أسابيع إلى عدة أشهر رغم الحساسية المسجلة لــ A. ISRAELII
في الاختبارات المخبرية للتراكيز المثبطة (MIC). وان سبب التناقض الظاهر قد تم ّ تأكيده في الدراسات الأخيرة التي أظهرت القضاء على A. ISRAELIIباستخدام الصادات بمعدل بطيء جدا وهذا التعبير هو شكل خاص من مقاومة الصادات الحيوية تعرف بتحمل الصادات الحيوية .
وبما أن مدى قتل A. ISRAELII بالصادات الحيوية بطيء جدا و يستوجب فترات طويلة من المعالجة الكيميائية بالصادات لذا يجب استخدامها حيث تكون مفيدة .
في العديد من الأحداث يكون تدخل الانتان بالفطر الشعاعي مجهولا إلى أن تتم إجراء الجراحة حول الذروية وتؤخذ الخزعة مما يجعل تناول الصادات الحيوية بشكل مسبق علاجا غير ضروريا وان العلاج المثالي في هذه الحالة هو الجراحة التي تزيل السبب و يتم تأكيد ذلك مخبريا مما يحقق فرصة كبيرة للنجاح.
أما الشكل الكلاسيكي للفطر الشعاعي الذي يتميز بالانتشار الفضولي لــA. ISRAELII في النسج فهو الوحيد الذي لا يمكن السيطرة عليه بالجراحة و إنما بالاستخدام المديد للعلاج الكيميائي بالصادات الحيوية حيث تلعب دورا هاما في تدبير هذه الانتانات . ففي هذه الحالات تؤخذ جرعة الصادات و خاصة البنسيلين كخيار نوعي لمدة 6 أسابيع مع الانتباه إلى الاختلاطات الجهازية.
بالرغم من وجود استقطاب للمعالجة الجراحية إلا أن قيمتها انخفضت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة وهذا عائد للتطور في التقنيات المحافظة لمعالجة العديد من الحالات التي لم تكن قابلة للعلاج سابقا وفي الوقت الحالي يعتبر دور المعالجة الجراحية محددا بحالات الانتان المعندة ، وان مزايا الجراحة غي نثل هذه الحالات أكبر مما لو تمّ تطبيق المعالجة بالصادات الحيوية حيث تعطي الجراحة هنا قيمة تشخيصية أكبر حيث يكون العامل الممرض هنا غير محدد .
و أخيرا يمكن أن توجد أسباب أخرى تسبب الفشل كوجود كيس حقيقي أو كسر جذري حيث لا يمكن تحديدهما دون الجراحة و لا يستجيبان للعلاج بالصادات الحيوية
وفي هذه الحالات تعتبر الجراحة خيارا جيدا للمعالجة حيث تمكننا من التشخيص و تزيل معظم العوامل المسببة للانتان المعند.
تمت بعون الله
د. صفاء أبو حمدة
دبلوم الدراسات العليا في مداواة الاسنان

عن فريق التحرير

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*